فصل: من جوانب الإعجاز العلمي في الآية الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من جوانب الإعجاز العلمي في الآية الكريمة:

هكذا يتضح لنا جانب من جوانب الإعجاز العلمي والنفسي في هذا النص القرآن المعجز، وتتضح روعة التعبير فيه بهذه الدقة العلمية الفائقة، والشمول للحقائق الكونية والإحاطة بها، والتشخيص لدخائل النفس اليهودية المريضة وقسوة قلوب أصحابها وذلك بقول الحق تبارك وتعالى مخاطبا هذه الشرذمة الظالمة الباغية، والمجرمة المعتدية من اليهود القدامي، والمتهودين الجدد: {ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون} [البقرة: 74].
وذلك لأن الحجارة الخازنة للماء قد تتفجر منها الأنهار بفعل الضغوط الداخلية الهائلة عليها، ومنها ضغط الماء المخزون فيها، أو بفعل الضغوط الخارجية عليها، أو بهما معا، ومن أهم الضغوط الخارجية ما يحدثه تحرك ألواح الغلاف الصخري للأرض.
وقد تتشقق تلك الحجارة فيخرج منها الماء علي هيئة الينابيع، والعيون، والنافورات الطبيعية، والآبار الارتوازية، وقد تنهار تلك الحجارة من قمم الجبال وعلي سفوحها هابطة من خشية الله القائل: {تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا} [الإسراء: 44].
أما قلوب شياطين الإنس من اليهود القدامي والمتهودين الجدد، وقد طبعت علي الكفر والإلحاد والشرك، وعلي كراهية الخلق، والحقد عليهم، وعلي تحريف الدين وتزييف الحقائق، وعلي الغرور الكاذب، والعلوية المصطنعة فإنها لم تلن ولن تلين أبدا...!!
وليس أدل علي ذلك من ممارساتهم الوحشية علي أرض فلسطين التي اغتصبوها بمؤامرة دولية خسيسة، وظلوا ينكلون بشعبها الأعزل علي مدي قرن من الزمان أو يزيد، في قسوة وهمجية لم يعرف لهما التاريخ مثيلا...!!
ولن يفلت هؤلاء المجرمون السفاحون القتلة واللصوص من العقاب في الدنيا قبل الآخرة، فالأيام دول، وكما تدين تدان...!! ولابد من إزالة كيانهم الغاصب إن عاجلا أو آجلا...!! ولن تبق أمريكا حامية لظلمهم وجورهم أبد الدهر، فقد بدأ نجمها في الأفول، وسوف تنهار بأسرع مما انهار به الاتحاد السوفيتي إن شاء الله تعالى، وقلوب الملايين من الخلق تدعو عليهم ليل نهار، ولعل الله تعالى أن يرينا فيهم يوما كيوم عاد وثمود، وفي ربيبتهم الفاجرة الغادرة التي تسمت زورا باسم نبي من أنبياء الله هو يعقوب أو إسرائيل عليه السلام، والله وأنبياؤه جميعا أبرياء منهم ومن جرائمهم التي سوف يلقون الجزاء عليها.. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.. والله غالب علي أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون...!!
ونحن نستقرئ ذلك كله من هذا النص القرآني الموجز المعجز من سورة البقرة الذي يشهد لكل ذي بصيرة بأن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق، وأن النبي الخاتم الذي تلقاه كان موصولا بالوحي، ومعلما من قبل خالق السماوات والأرض، فصلي الله وسلم وبارك عليه، وعلي آله وصحبه، ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلي يوم الدين.. والحمد لله رب العالمين. اهـ.

.تفسير الآية رقم (75):

قوله تعالى: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75)}:

.مناسبة الآية لما قبلها:

.قال البقاعي:

ولما بيّن سبحانه أن قلوبهم صارت من كثرة المعاصي وتوالي التجرّؤ على بارئها محجوبة بالرين كثيفة الطبع بحيث إنها أشد قسوة من الحجارة تسبب عن ذلك بعدهم عن الإيمان فالتفت إلى المؤمنين يؤيسهم من فلاحهم تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم عما كان يشتد حرصه عليه من طلب إيمانهم في معرض التنكيت عليهم والتبكيت لهم منكرًا للطمع في إيمانهم بعد ما قرر أنه تكرر من كفرانهم فقال: {أفتطمعون} والطمع تعلق البال بالشيء من غير تقدم سبب له {أن يؤمنوا} أي هؤلاء الذين بين أظهركم وقد سمعتم ما اتفق لأسلافهم من الكثافة وهم راضون بذلك وإلا لآمنوا بمجرد هذا الإخبار عن هذه القصص من هذا النبي الأمي الذي يحصل التحقيق بأنه لا معلم له بها إلاّ الله معترفين {لكم وقد} أي والحال أنه قد {كان فريق} أي ناس يقصدون الفرقة والشتات {منهم} قال الحرالي: من الفرق وهو اختصاص برأي وجهة عمن حقه أن يتصل به ويكون معه. انتهى.
و{يسمعون كلام الله} المستحق لجميع صفات الكمال والكلام قال الحرالي: هو إظهار ما في الباطن على الظاهر لمن يشهد ذلك الظاهر بكل نحو من أنحاء الإظهار. انتهى.
{ثم يحرفونه} أي يزيلونه عن وجهه برده على حرفه، وفي ذكر الفريق مع المعطوفات عليه تأكيد لعظيم تهمّكهم في العصيان بأنهم كانوا بعد ما وصف من أحوالهم الخبيثة فرقًا في الكفر والعدوان والتبرء من جلباب الحياء، وقوله: {من بعد ما عقلوه} مع كونه توطية لما يأتي من أمر الفسخ مشيرًا إلى أن تحريفهم لم يكن في محل إشكال لكونه مدركًا بالبديهة، وأثبت الجار لاختلاف أحوالهم.
ولما كان هذا مع أنه إشارة إلى أنهم على جبلات إبائهم وإلى أن من اجترأ على الله لم ينبغ لعباد الله أن يطمعوا في صلاحه لهم، لأنه إذا اجترأ على العالم بالخفيات كان على غيره أجرأ مشيرًا إلى أنه لا يفعله عاقل ختمه بقوله: {وهم يعلمون} أي والحال أنهم مع العقل حاملون للعلم فاهمون له غير غافلين بل متعمدون. اهـ.

.قال الفخر:

اعلم أنه سبحانه لما ذكر قبائح أفعال أسلاف اليهود إلى ههنا، شرح من هنا قبائح أفعال اليهود الذين كانوا في زمن محمد صلى الله عليه وسلم، قال القفال رحمه الله: إن فيما ذكره الله تعالى في هذه السورة من أقاصيص بني إسرائيل وجوهًا من المقصد، أحدها: الدلالة بها على صحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم لأنه أخبر عنها من غير تعلم، وذلك لا يمكن أن يكون إلا بالوحي ويشترك في الانتفاع بهذه الدلالة أهل الكتاب والعرب، أما أهل الكتاب فلأنهم كانوا يعلمون هذه القصص فلما سمعوها من محمد من غير تفاوت أصلًا، علموا لا محالة أنه ما أخذها إلا من الوحي.
وأما العرب فلما يشاهدون من أن أهل الكتاب يصدقون محمدًا في هذه الأخبار.
وثانيها: تعديد النعم على بني إسرائيل وما منّ الله تعالى به على أسلافهم من أنواع الكرامة والفضل كالإنجاء من آل فرعون بعدما كانوا مقهورين مستعبدين ونصره إياهم وجعلهم أنبياء وملوكًا وتمكينه لهم في الأرض وفرقه بهم البحر وإهلاكه عدوهم وإنزاله النور والبيان عليهم بواسطة إنزال التوراة والصفح عن الذنوب التي ارتكبوها من عبادة العجل ونقض المواثيق ومسألة النظر إلى الله جهرة، ثم ما أخرجه لهم في التيه من الماء العذب من الحجر وإنزاله عليهم المن والسلوى ووقايتهم من حر الشمس بتظليل الغمام، فذكرهم الله هذه النعم القديمة والحديثة، وثالثها: إخبار النبي عليه السلام بتقديم كفرهم وخلافهم وشقاقهم وتعنتهم مع الأنبياء ومعاندتهم لهم وبلوغهم في ذلك ما لم يبلغه أحد من الأمم قبلهم، وذلك لأنهم بعد مشاهدتهم الآيات الباهرة عبدوا العجل بعد مفارقة موسى عليه السلام إياهم بالمدة اليسيرة، فدل على بلادتهم، ثم لما أمروا بدخول الباب سجدًا وأن يقولوا حطة ووعدهم أن يغفر لهم خطاياهم ويزيد في ثواب محسنهم بدلوا القول وفسقوا، ثم سألوا الفوم والبصل بدل المن والسلوى، ثم امتنعوا من قبول التوراة بعد إيمانهم بموسى وضمانهم له بالمواثيق أن يؤمنوا به وينقادوا لما يأتي به حتى رفع فوقهم الجبل ثم استحلوا الصيد في السبت واعتدوا، ثم لما أمروا بذبح البقرة شافهوا موسى عليه السلام بقولهم: {أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا} [البقرة: 67]، ثم لما شاهدوا إحياء الموتى ازدادوا قسوة، فكأن الله تعالى يقول: إذا كانت هذه أفعالهم فيما بينهم ومعاملاتهم مع نبيهم الذي أعزهم الله به وأنقذهم من الرق والآفة بسببه، فغير بديع ما يعامل به أخلافهم محمدًا عليه السلام، فليهن عليكم أيها النبي والمؤمنون ما ترونه من عنادهم وإعراضهم عن الحق.
ورابعها: تحذير أهل الكتاب الموجودين في زمان النبي صلى الله عليه وسلم من نزول العذاب عليهم كما نزل بأسلافهم في تلك الوقائع المعدودة.
وخامسها: تحذير مشركي العرب أن ينزل العذاب عليهم كما نزل على أولئك اليهود، وسادسها: أنه احتجاج على مشركي العرب المنكرين للإعادة مع إقرارهم بالابتداء، وهو المراد من قوله تعالى: {كذلك يُحْييِ الله الموتى} [البقرة: 73] إذا عرفت هذا فنقول: إنه عليه السلام كان شديد الحرص على الدعاء إلى الحق وقبولهم الإيمان منه، وكان يضيق صدره بسبب عنادهم وتمردهم، فقص الله تعالى عليه أخبار بني إسرائيل في العناد العظيم مع مشاهدة الآيات الباهرة تسلية لرسوله فيما يظهر من أهل الكتاب في زمانه من قلة القبول والاستجابة، فقال تعالى: {أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ}. اهـ.

.اللغة:

{أفتطمعون} الطمع: تعلق النفس بشيء مطلوب تعلقا قويا، فإذا اشتد فهو طمع، وإذا ضعف كان رجاء ورغبة.
{فريق} الفريق: الجماعة وهو اسم جمع، لا واحد له من لفظه كالرهط والقوم.
{يحرفونه} التحريف: التبديل والتغيير وأصله من الانحراف عن الشيء.
{عقلوه} عقل الشيء أدركه بعقله، والمراد فهموه وعرفوه.
{أميون} جمع أمي وهي وهو الذي لا يحسن القراءة والكتابة، سمى بذلك نسبة إلى الأم، لأنه باق على الحالة التي ولدته عليه أمه، من عدم المعرفة.
{أماني} جمع أمنية وهي ما يتمناه الإنسان ويشتهيه، أو يقدره في نفسه من منى، ولذلك تطلق على الكذب، قال أعرابي لإنسان: أهذا شيء رأيته أم تمنيته أي اختلقته، وتأتي بمعنى قرأ، قال حسان: تمنى كتاب الله أول ليله.
{فويل} الويل: الهلاك والدمار، وقيل: الفضيحة والخزي، وهي كلمة تستعمل في الشر والعذاب، قال القاضي: هي نهاية الوعيد والتهديد كقوله: {ويل للمطففين} وقال سيبويه: ويل لمن وقع في الهلكة، وويح لمن أشرف عليها. اهـ.

.القراءات والوقوف:

قال النيسابوري:

.القراءات:

{إلا أماني} حيث كان خفيفًا: يزيد إلا قوله: {تلك أمانيهم} {وليس بأمانيكم ولا أماني} {وغرتكم الأماني} فإن أربعتهن بالإسكان عنده {بأيديهم} بضم الهاء: يعقوب، وكذلك كل هاء كناية قبلها ياء ساكنة {خطيآته} بالجمع: أبو جعفر ونافع.

.الوقوف:

{يعلمون} o {آمنا} ج والوصل أجوز لبيان حالتيهما المتناقضتين وهو المقصود {عند ربكم} ط {أفلا تعقلون} o {يعلنون} o {يظنون} ج {قليلًا} ط {يكسبون} o {معدودة} ط {ما لا تعلمون} o {النار} ج لأن الجملة مبتدأ وخبر بعد خبر.
{خالدون} o {الجنة} ج {خالدون} o. اهـ.